للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول ابن مسعود: "ما أنت محدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" رواه مسلم.

قال الحافظ ابن حجر: "وممن كره التحديث ببغض دون بعض، أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على الأمير؛ مالك في أحاديث الصفات؛ وأبو يوسف في الغرائب؛ ومن قبلهم أبو هريرة كما روي عنه في الجرابين١وأن المراد ما يقع من الفتن؛ ونحوه عن حذيفة، وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين٢، أنه أتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي؛ وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب". ا. هـ.

ولما كان النهى للمصلحة لا للتحريم أخبر به معاذ لعموم الآية بالتبليغ.

قال بعضهم: "النهى في قوله: -صلى الله عليه وسلم- "لا تبشرهم" مخصوص ببعض الناس وبه احتج البخاري على أن للعالم أن يخص بالعلم قومًا دون قوم، كراهة أن لا يفهموا وقد يتخذ أمثال هذه الأحاديث البطلة٣ والمباحية٤ ذريعة إلى ترك التكاليف ورفع الأحكام وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد خراب العقبى. وأين هؤلاء ممن إذا بشروا زادوا جدًّا في العبادة وقد قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم: أتقوم الليل وقد غفر الله لك؟ فقال -صلى الله عليه وسلم٥: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".


١ في مسند أحمد أن أبا هريرة قال: "حفظت ثلاثة أجربة، بثتت منها جرابين". وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أنه قال: "حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاءين فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم".
٢ العرنيون نفر قدموا على النبي -صلى الله عليه وسلم- فاجتووا المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا، فصحوا، فارتدوا وقتلوا رعاتها، واستاقوا الإبل، فبعث في آثارهم فأُتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينمهم، ثم لم يحسمهم حتى ماتوا. والحديث في الصحيحين وغيرهما. "راجع فتح الباري: ج١٢، ص٩٨".
٣ يقال أبطل: إذا جاء بالباطل: والبطلة: السحرة والشياطين، وفي مسند أحمد من حديث أبي أمامة: "اقرءوا البقرة، فإن أخذها بركة. وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة" وأخرجه مسلم في الصلاة.
٤ كذا في الأصل ولعلها الإباحية.
٥ أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي من حديث المغيرة بن شعبة.

<<  <   >  >>