للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المذهب الثاني وهو من قال: "المرسل حجة مطلقًا" فقد نقل عن مالك، وأبي حنيفة، وأحمد في رواية حكاها النووي، وابن القيم، وابن كثير وغيرهم وحكاه النووي أيضا في شرح المهذب عن كثيرين من الفقهاء أو أكثرهم. قال: "ونقله الغزالي عن الجماهير" قال القرافي في شرح التنقيح١: "حجة الجواز أن سكوته عنه مع عدالة الساكت، وعلمه أن روايته يترتب عليها شرع عام فيقتضي ذلك أنه ما سكت عنه إلا وقد جزم بعدالته فسكوته كإخباره بعدالته، وهو لو زكاه عندنا قبلنا تزكيته، وقبلنا روايته فكذلك سكوته عنه حتى قال بعضهم إن المرسل أقوى من المسند بهذا الطريق لأن المرسل قد تذمم الراوي وأخذه في ذمته عند الله تعالى، وذلك يقتضي وثوقه بعدالته، وأما إذا أسند فقد فوض أمره للسامع ينظر فيه، ولم يتذممه فهذه الحالة أضعف من الإرسال". ا. هـ. وفي التدريب٢ عن ابن جرير قال: "أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل، ولم يأت عنهم إنكاره، ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين، قال ابن عبد البر: كأنه يعني أن الشافعي أول من رده". ا. هـ. وقال السخاوي في فتح المغيث: "قال أبو داود في رسالته: وأما المراسيل فقد كان أكثر العلماء يحتجون بها فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك والأوزاعي حتى جاء الشافعي رحمه الله فتكلم في ذلك وتابعه عليه أحمد وغيره". ا. هـ. ثم اختلفوا هل هو أعلى منه المسند أو دونه أو مثله وتظهر فائدة الخلاف عند التعارض والذي ذهب إليه أحمد وأكثر المالكية والمحققون من الحنفية كالطحاوي وأبي بكر الرازي تقديم المسند قال ابن عبد البر: "وشبهوا ذلك بالشهود يكون بعضهم أفضل حالًا من بعض وأقعد وأتم معرفة وإن كان الكل عدولًا جائزي الشهادة". ا. هـ.

والقائلون بأنه أعلى وأرجح من المسند، وجهوه بأن من أسند فقد أحالك على إسناده، والنظر في أحوال رواته والبحث عنهم، ومن أرسل مع علمه ودينه وإمامته وثقته،


١ ص١٦٤، القاهرة، المطبعة الخيرية، ١٣٠٦هـ.
٢ ص٦٧.

<<  <   >  >>