بل ومن اشتمل عليه باقي القرون الثلاثة الحديث بالجزم من غير وثوق بمن قاله، مناف لها؛ هذا مع كون المرسل عنه ممن اشترك معهم في هذا الفضل. وأوسع من هذا قول عمر -رضي الله عنه:"المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودًا في حد. أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينًا في ولاء أو قرابة" قالوا فاكتفى -رضي الله عنه- بظاهر الإسلام في القبول إلا أن يعلم منه خلاف العدالة، ولو لم يكن الواسطة من هذا القبيل لما أرسل عنه التابعين، والأصل قبول خبره حتى يثبت عنه ما يقتضي الرد وكذا ألزم بعضهم المانعين بأن مقتضى الحكم لتعاليق البخاري المجزومة بالصحة إلى من علق عنه أن من يجزم من أئمة التابعين عن النبي بحديث يستلزم صحته من باب أولى لا سيما وقد قيل إن المرسل لو لم يحتج بالمحذوف لما حذفه فكأنه عدله. ويمكن إلزامهم لهم أيضًا بأن مقتضى تصحيحهم في قول التابعي، من السنة وقفه على الصحابي حمل قول التابعي:"قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم" على أن المحدث له بذلك صحابي، تحسينا للظن به في حجج يطول إيرادها لاستلزامه التعرض للرد مع كون جامع التحصيل في هذه المسألة للعلائي متكفلًا بذلك كله وكذا صنف فيها ابن عبد الهادي جزءًا.