للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكثرة ما يتخللها من الأجنبي عنها، وأي شر أعظم مما يطرأ على الشريعة الغراء لو أرخى العنان لوضاع الأحاديث، يضعون كيف شاءوا دون أن يميز الصدق من الكذب في رواياتهم، ثم من هو الذي يقبل من المعترضين أن يكتب باسمه الكتاب ما شاءوا من أفكار وأقوال ولو كانت حسنة مقبولة في حد ذاتها؟ بل من يصدق أن يقوم أحد من الناس ويفتري على وزير أو مدير قرارًا أو منشورا يصدره بإمضائه، ولا يعد عابثا بالنظام، متوجبًا التأديب أو على الأقل التكذيب؟ أو من يتصور أنه يلفق صورة أمر عال، مهما كان موضعه وينشره كأنه صادر من السلطان ولا يعاقب على فعله هذا فأي مسلم بعد هذا يسوغ أن يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" لذلك نحن نشرنا رسالة الفاضل الذي أسند كل ما قال فيها للسلف الصالح من أئمة الحديث وحفاظه شاكرين همته، مثنين عليه بما هو أهله معتبرين عمله هذا من خير أعمال العبادة التي يتقرب بها إلى الله في مثل شهر رجب المبارك، مؤملين أن يحذو الفضلاء الباحثون حذوه، ولا خوف من ذلك على الناس أن تثبط هممهم عن عبادة الله، فإن الله عز وجل، قد أتم شريعته قبل أن يأخذ رسوله إلى الرفيق الأعلى، فهي لا ينقصها شيء يحتاج وضاعو الحديث المفترون على الله وعلى رسوله أن يتموه وعلى القراء أن يفقهوا مقاصد الكتاب في هذا الباب والله الموفق والمعين.

ثم أجاب ناشرها أيضًا بقوله في محاورة ثانية: "لم يقصد كاتب الرسالة في بيان الأحاديث الموضوعة التي سردها تثبيط همم الناس عن العبادة، وإنما أراد بيان عدم صحة تلك الأحاديث التي اعتاد بعض الخطباء العناية بذكرها عند دخول مثل شهر رجب المبارك، ويحسبونها من أصول الدين، وليست منه في شيء تلك الأحاديث التي أسندت للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقال أئمة الحديث السالفون وحفاظه المحققون إنها موضوعة مفتراة عليه. فقد قال كاتب الرسالة: "ونحن نأتي بتلك الأباطيل التي اختلقها الوضاعون ليحذرها العموم، ويعرف خطباء المنابر والوعاظ، والقصاص فيجتنبوها، ولا ينسبوها إليه عليه الصلاة والسلام حذرًا من الوقوع في الإثم وفرارًا من الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم ... إلخ"

<<  <   >  >>