للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا صريح في أنه إنما ينصح الخطباء والوعاظ، ليعدلوا عن ارتكاب الكذب في إرشاد العامة، إلى ما هو الصدق فيه، والخير كله مع الصادقين.

ثم قال: "وقد بلغ حد التهافت على بيان أسرار الشريعة الغراء، عند بعض خطباء الجمع على المنابر، أن جعلوا للفظه "ر ج ب" حروفا مقطعة، مدلولات أخرى. فالراء لمعنى والجيم لآخر، والباء لغيرهما مع أن هذه الحروف ذاتها موجودة في كل كلمة ثلاثية تركبت منها كجرب، وبرج ورجب أسماء مسميات أخرى، وهلم جرا. بل لا ينكر عاقل أن الدخيل في الأحاديث، قد كان منه ما أضر بالجامعة الإسلامية وجوهر الدين الحنيفي، ضررًا بليغًا، لو قيس بما نتجته الأحاديث الموضوعة لمثل الترغيب في العبادة من الحسنات، لرجح عليها رجحانا مبينًا فكيف لا يكون سد هذا الباب مهمًا، وكيف لا يكون في الأمة، وعاظ ومرشدون يبيتون الصدق من الكذب، والغث من السمين في كل وقت وليس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقت مخصوص، وأشد ما يطلب ذلك في الظروف التي يكون فيها الأمر والنهي أبلغ تأثيرًا في النفوس ولهذا اختار صاحب رسالة الأحاديث الموضوعة أن يبين ما يختص منها بشهر رجب في الوقت الذي يصدع الخطباء فيه بمواعظهم له، والله يوفق الجميع لما فيه الخير، والصواب وهو الهادي إلى سبيل الرشاد".

وأقول: رأيت لشيخ الإسلام ابن تيميه قدس سره في كتابه: "اقتضاء الصراط المستقيم" تطرقًا لهذا المبحث الجليل، قال قدس سره: "شهر رجب، أحد الأشهر الحرم". وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا دخل شهر رجب قال١: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان" ولم يثبت عن النبي في فضل رجب حديث آخر، بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كذب والحديث إذا لم يعلم أنه كذب فروايته في الفضائل أمر قريب أما إذا علم كذبه فلا يجوز روايته إلا مع بيان حاله لقوله -صلى الله عليه وسلم٢: "من روى عني حديثًا


١ رواه ابن أحمد والبيهقي عن أنس. ورواه ابن ماجه عنه أيضًا.
٢ رواه مسلم وأحمد وابن ماجه عن سمرة.

<<  <   >  >>