للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآجرى -وقد ذكر بعض الحيل الربوية التي يفعلها الناس- لقد مسخت اليهود قردة بدون هذا، ولقد صدق إذا أكل حوت صيد يوم السبت، أهون عند الله وأقل جرمًا من أكل الربا الذي حرمه الله بالحيل والمخادعة، ولكن قال الحسن: عجل لأولئك عقوبة تلك الأكلة الوخيمة وأرجئت عقوبة هؤلاء فهذه العظائم والمصائب الفاضحات لو اعتمدها مخلوق مع مخلوق لكان في نهاية القبح فكيف بم يعلم السر وأخفى، وإذا وازن اللبيب بين حيلة أصحاب السبت والحيل التي يتعاطاها أرباب الحيل في كثير من الأبواب ظهر له التفاوت، ومراتب المفسدة التي بينها وبين هذه الحيل فإذا عرف قدر الشرع وعظمة الشارع وحكمته وما اشتمل عليه شرعه من رعاية مصالح عبادة تبين له حقيقة الحال وقطع بأن الله سبحانه تنزه وتعالى أن يسوغ لعبادة نقض شرعه وحكمته بأنواع الخداع والاحتيال. ا. هـ.

وكما بسط رحمه الله الكلام في ذلك في: "إعلام الموقعين" أطنب فيه أيضًا في كتابه: "إغائة اللهفان" اهتمامًا بهذا الموضوع، ومما جاء فيه قوله١ ومن مكايده -يعني الشيطان- التي كاد بها الإسلام، وأهله الحيل والمكر والخداع الذي يتضمن تحليل ما حرم الله، وإسقاط ما فرضه ومضادته في أمره ونهيه، وهي من الرأي الباطل الذي اتفق السلف على ذمه فإن الرأي رأيان رأي يوافق النصوص وتشهد له بالصحة والاعتبار وهو الذي اعتبره السلف وعملوا به، ورأي يخالف النصوص، وتشهد له بالإبطال والإهدار فهو الذي ذموه وأنكروه، وكذلك الحيل نوعان نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه والتخلص من الحرام وتخليص المحق من الظالم المانع له، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغي فهذا النوع محمود ظالمًا والظالم مظلومًا والحق باطلًا والباطل حقًّّّّا فهذا النوع الذي اتفق السلف على ذمه، وصاحوا بأهله من أقطار الأرض. قال الإمام أحمد رحمه الله لا يجوز شيء من الحيل في إبطال حق مسلم


١ ص١٨٣ طبع بمصر.

<<  <   >  >>