للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما فعل فهذا كان غالب حاله -صلى الله عليه وسلم- ولم يبين أن فروض الوضوء ستة أو أربعة، ولم يفرض أنه يحتمل أن يتوضأ إنسان بغير موالاة، حتى يحكم عليه بالصحة أو الفساد إلا ما شاء الله وقلما كانوا يسألونه عن هذه الأشياء. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما رأيت قومًا خيرًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما سألوه عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض كلهن في القرآن منهن: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} ١، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيض} ٢ قال: ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم قال ابن عمر: لا تسأل عما لم يكن فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن قال القاسم: إنكم تسألون عن أشياء ما كنا نسأل عنها وتنقرون٣ عن أشياء ما كنا ننقر عنها، تسألون عن أشياء ما أدري ما هي، ولو علمناها ما حل لنا أن نكتمها عن عمر بن إسحاق قال: لمن أدركت من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر ممن سبقني منهم فما رأيت قومًا أيسر سيرة، ولا أقل تشديدًا منهم، وعن عبادة بن بسر الكندي، وسئل عن امرأة ماتت مع قوم ليس لها ولي فقال: أدركت أقوامًا ما كانوا يشددون تشديدكم، ولا يسألون مسائلكم "أخرج هذه الآثار الدارمي"، وكان يستفتيه الناس في الوقائع فيفتيهم وترفع إليه القضايا فيقضي فيها، ويرى الناس يفعلون معروفًا فيمدحه أو منكرًا فينكر عليه وكل ما أفتى به مستفتيًا أو قضى به في قضية أو أنكره على فاعله كان في الاجتماعات، وكذلك كان الشيخان أبو بكر وعمر إذا لم يكن لهما علم في المسألة يسألون الناس عن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال أبو بكر -رضي الله عنهما- سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فيها شيئا -يعني الجدة- وسأل الناس فلما صلى الظهر قال: أيكم سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الجدة شيئا فقال: المغيرة بن شعبة أنا فقال: ماذا؟ قال: قال: أعطاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سدسا قال: أيعلم ذاك أحد غيرك؟ فقال محمد بن سلمة: صدق - فأعطاها أبو بكر السدس وقصة سؤال عمر الناس في الغرة


١ سورة البقرة، الآية: ٢١٧.
٢ سورة البقرة، الآية: ٢٢٢.
٣ التنقير: التفتيش والاستقصاء في البحث والمبالغة فيه.

<<  <   >  >>