الضروب أن يروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل فعلًا فحمله بعضهم على القربة وبعضهم على الإباحة، مثاله: ما رواه أصحاب الأصول في قضية التخصيب -أي النزول بالأبطح عند النفر- نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- به فذهب أبو هريرة، وابن عمر إلى أنه على وجه القربة فجعلوه من سنن الحج، وذهبت عائشة وابن عباس إلى أنه كان على وجه الاتفاق وليس من السنن، ومثال آخر ذهب الجمهور إلى أن الرمل في الطواف سنة، وذهب ابن عباس إلى أنه إنما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- على سبيل الاتفاق لعارض عرض، وهو قول المشركين حطمتهم حمى يثرب، وليس بسنة ومنها اختلاف الوهم مثاله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حج فرآه الناس فذهب بعضهم إلى أنه كان متمتعًا، وبعضهم إلى أنه كان قارنًا وبعضهم إلى أنه كان مفردًا، مثال آخر أخرج أبو داود عن سعيد بن جبير أنه قال: قلت لعبد الله بن عباس: يا أبا العباس عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أوجب١ فقال: إني لأعلم الناس بذلك، إنها كانت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة فمن هناك اختلفوا. خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاجًّا فلما صلى في مسجد ذي الخليفة ركعة أوجب في مجلسه وأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه فسمع ذلك منه أقوام فحفظته عنه ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك منه أقوام، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالًا، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل فقالوا: إنما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين استقلت به ناقته ثم مضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيداء، وايم الله لقد أوجب في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته وأهل حين علا على شرف البيداء.
ومنها: اختلاف السهو والنسيان مثاله ما روي أن ابن عمر كان يقول اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمرة في رجب فسمعت بذلك عائشة فقضت عليه بالسهو.