القاعدة المخرجة، وإلى هذا المعنى أشار الشافعي حيث قال:"مهما قلت من قول أو أصلت من أصل فبلغ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلاف ما قلت فالقول ما قاله -صلى الله عليه وسلم".
"ومنها: أن تتبع الكتاب والآثار لمعرفة الأحكام الشرعية على مراتب أعلاها أن يحصل له من معرفة الأحكام بالفعل أو بالقوة القريبة من الفعل ما يتمكن به من جواب المستفتين في الوقائع غالبًا بحيث يكون جوابه أكثر مما يتوقف فيه، وتخص "أي هذه المعرفة" باسم الاجتهاد، وهذا الاستعداد يحصل تارة بالإمعان في جمع الروايات وتتبع الشاذة والفاذة منها، كما أشار إليه أحمد بن حنبل مع ما لا ينفك منه العاقل العارف باللغة من معرفة مواقع الكلام، وصاحب العلم بآثار السلف من طريق الجمع بين المختلفات، وترتيب الاستدلالات ونحو ذلك، وتارة بإحكام طرق التخريج على مذهب شيخ من مشايخ الفقه من معرفة جملة صالحة من السنن والآثار بحيث يعلم أن قوله لا يخالف الإجماع القرآن والسنن ما يتمكن به من معرفة رءوس مسائل الفقه المجمع عليها بأدلتها التفصيلية، ويحصل له غاية العلم ببعض المسائل الاجتهادية من أدلتها، وترجيح بعض الأقوال على بعض، ونقد التخريجات، ومعرفة الجيد والزيف، وإن لم يتكامل له الأدوات كما يتكامل للمجتهد المطلق فيجوز لمثله أن يلفق من المذهبين إذا عرف دليلهما، وعلم أن قوله ليس مما لا ينفذ فيه اجتهاد المجتهد، ولا يقبل فيه قضاء القاضي ولا يجري فيه فتوى المفتين، وأن يترك بعض التخريجات التي سبق الناس إليها إذا عرف عدم صحتها، ولهذا لم يزل العلماء ممن لا يدعي الاجتهاد المطلق يصنفون ويرتبون ويخرجون ويرجحون، وإذا كان الاجتهاد يتجزأ عند الجمهور والتخريج يتجزأ، وإنما المقصود تحصيل الظن وعليه مدار التكليف،