للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفًا في حكم مسألة، أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص؛ فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده". ا. هـ.

وقال العارف الشعراني قدس الله سره في الميزان١: "فإن قلت: "فما أصنع بالأحاديث التي صحت بعد موت إمامي، ولم يأخذ بها" فالجواب: "ينبغي لك أن تعمل بها فإن إمامك لو ظفر بها، وصحت عنده لربما كان أمرك بها فإن الأئمة كلهم أسرى في يد الشربعة، ومن فعل ذلك فقد حاز الخير بكلتا يديه ومن قال: "لا أعمل بالحديث إلا إن أخذ به إمامي" فاته خير كثير كما عليه كثير من المقلدين لأئمة المذاهب وكان الأولى لهم العمل بكل حديث صح بعد إمامهم تنفيذًا لوصية الأئمة فإن اعتقادنا فيهم أنهم لو عاشوا، وظفروا بتلك الأحاديث التي صحت بعدهم لأخذوا بها، وعملوا بها وتركوا كل قياس كانوا قاسوه، وكل قول كانوا قالوه وقد بلغنا من طرق صحيحة أن الإمام الشافعي أرسل بقول للإمام أحمد بن حنبل: "إذا صح عندكم حديث فأعلموا به لنأخذ به، ونترك كل قول قلناه قبل ذلك أو قاله غيرنا فإنكم أحفظ للحديث ونحن أعلم به".

وقال الشعراني٢ قدس سره أيضًا في الرد على من يزعم أن الإمام أبا حنيفة -رضي الله عنه- يقدم القياس على الحديث ما نصه: "ويحتمل أن الذي أضاف إلى الإمام أبي حنيفة، أنه يقدم القياس على النص ظفر بذلك في كلام مقلديه الذين يلزمون العمل بما وجدوه عن إمامهم من القياس، ويتركون الحديث الذي صح بعد موت الإمام فالإمام معذور وأتباعه غير معذورين، وقولهم: "إن إمامنا لم يأخذ بهذا الحديث" لا ينهض حجة لاحتمال أنه لم يظفر به أو ظفر به لكن لم يصح عنده وقد تقدم قول الأئمة كلهم: "إذا صح الحديث فهو مذهبنا" وليس لأحد معه قياس ولا حجة إلا طاعة الله وطاعة رسوله بالتسليم له". ا. هـ.


١ الميزان ص٢٠.
٢ ص٧١.

<<  <   >  >>