الراوي له بخلافه خلافًا لجمهور الحنفية وبعض المالكية لأنا متعبدون بما بلغ إلينا من الخبر، ولم نتعبد بما فهمه الراوي، ولم يأت من قدم عمل الراوي على روايته بحجة تصالح للاستدال بها، ولا يضره كونه مما تعم به البلوى خلافًا للحنفية، وأبي عبد الله البصري لعمل الصحابة والتابعين بأخبار الآحاد في ذلك، ولا يضره كونه في الحدود، والكفارات خلافًا للكرخي من الخنفية، ولا وجه لهذا الخلاف فهو خبر عدل في حكم شرعي ولم يثبت في الحدود والكفارات دليل يخصها من عموم الأحكام الشرعية، ولا يضره أيضًا كونه زيادة على النص القرآني أو السنة القطعية خلافًا للحنفية فقالوا إذا ورد بالزيادة كان نسخًا لا يقبل، والحق القبول لأنها زيادة غير منافية للمزيد فكانت مقبولة، ودعوى أنها ناسخة ممنوعة وهكذا إذا ورد الخبر مخصصًا للعام من كتاب أو سنة فإنه مقبول ويبنى العام على الخاص خلافًا لبعض الخنفية، وهكذا إذا ورد مقيدًا لمطلق الكتاب أو السنة المتواترة، ولا يضره أيضًا كون راوية انفرد بزيادة فيه على ما رواه غيره إذا كان عدلًا فقد يحفظ الفرد ما لا تحفظه الجماعة، وبه قال الجمهور وهذا في صورة عدم المنافاة وإلا فروية الجماعة أرجح ومثل انفراد العدل بالزيادة انفراده برفع الحديث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي وقفه الجماعة وكذا انفراده بإسناد الحديث الذي أرسلوه وكذا انفراده بوصل الحديث الذي قطعوه فإن ذلك مقبول منه لأنه زيادة على ما ردوه وتصحيح لما أعلوه، ولا يضره أيضًا كونه خارجًا مخرج ضرب الأمثال".
الثمرة الرابعة:
قال الإمام شمس الدين ابن القيم الدمشقي في كتاب الروح: "ينبغي أن يُفهم عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مراده من غير غلو ولا تقصير، فلا يُحمل كلامه ما لا يحتمله، ولا يقصر عن مراده وما قصده من الهدي والبيان. وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله بل سوء الفهم عن الله رسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع ولا سيما إن أضيف إليه