للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غفور، يا رحمن يا رحيم، وأن يفرد كل اسم، وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع، ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقرونا بمقابله كالمانع والضار والمنتقم، فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله، فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفو، فهو المعطي المانع، الضار النافع، المنتقم العفو، المعز المذل، لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله، لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية وتدبير الخلق والتصرف فيهم عطاءً ومنعا ونفعاً وضراً وعفوا وانتقاما، وأما أن يثني عليه بمجرد المنع والانتقام والإضرار فلا يسوغ، فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الاسم الواحد، الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض، فهي وإن تعددت، جارية مجرى الأسم الواحد، والله لم تجيء مفردة، ولم تطلق عليه الا مقترنة، فاعلمه، فلو قلت يا مذل يا ضار يا مانع واخبرته عنه بذلك لم تكن مثنياً عليه ولا حامداً له حتي تذكر مقابلها (١)، فهذا وجه من وجوه تناولها يظهر به تفاضلها فليس الإسم الدال على الكمال بمفرده مساوياً للذي لا يدل على الكمال إلا باقترانه بمقابله

الدليل الخامس: أن من أسمائه سبحانه ما يدل على صفة واحدة كالسميع والبصير، ومنها ما يدل على صفات عديدة لا تختص بصفة معينة كالمجيد والعظيم:

فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، وهو موضوع لبلوغ النهاية في كل محمود، ولنبل الشرفي بكرم الفعال، وللكثرة، ولذا قالوا: استمجد المرخ والعفار أي استشرا


(١) بدائع الفوائد (١/ ٦٧) وانظر تفسير الرازي ١٥/ ٦٧.

<<  <   >  >>