للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: بل الواقدى بَيِّن الضعف كما تقدم عن ابن عدى، وهو متروك الحديث كذبه ورماه بالوضع جماعة من الأئمة. وأورد له الذهبي أيضًا هذا الحديث (٣/ ٦٦٤) فى جملة ما استنكر عليه. وقد خالفه أحد الثقات فى متنه.

فقد روى الإمام أحمد (٢/ ١١٩) والبزار (٥٦٣ كشف) عن أبى أحمد الزبيرى- وهو ثقة- ثنا كثير بن زيد عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر إذا جلس فى الصلاة وضع يديه على ركبتيه، وأشار بإصبعه، وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لهى أشد على الشيطان من الحديد". يعنى السبابة. وإسناده حسن، وكثير بن زيد صدوق حسن الحديث على الراجح من أقوال العلماء.

وقد صحح الإمام البخارى رحمه الله حديثا هو فى إسناده كما فى "علل الترمذى الكبير" (ص ٦٧٧).

ثم وجدت كذابًا آخر روى حديث الترجمة على لون آخر، ففى "الحلية" (٧/ ١٣٩) من طريق أبى حذيفة إسحاق بن بشر ثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دعا يدعو بيده اليسرى (٣٣) يبسطها ويشير بإصبعه المسبحة ويقول: إن الإشارة فى الدعاء بالمسبحة مقمعة للشيطان". وأبو حذيفة هذا هو البخارى صاحب كتاب "المبتدأ" وهو متهم بالوضع، وهو شر من الواقدي إذ لم يعدم الأخير من يوثقه ويدافع عنه - بغير صواب - أما أبو حذيفة فلا أعلم أحدًا شهد له بخير! ثم وجدت محمد بن عمر الداربجردى يوثقه، فقال الحافظ فى "اللسان" (١/ ٣٠٤): "فلم يلتفت إليه أحد لأن أبا حذيفة بين الأمر لا يخفى حاله على العميان"! والراوى عنه: القاسم ابن المساور الجوهرى ترجمه الخطيب (١٢/ ٤٢٧) برواية ابنه أحمد عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.


(٣٣) كذا فى "الحلية" فليحرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>