الحمد لله، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
الصدق:
أولًا: الصدق في اللغة:
ما جاء في كتب اللغة في بيان معنى الصدق: وسوف أنتقي من هذه الكتب ما يختصّ بموضوعنا يقول صاحب معجم (مقاييس اللغة) الإمام ابن فارس: صدق الصاد والدار والقاف، أصل يدل على قوة في الشيء قولًا وغيره، من ذلك الصدق خلاف الكذب، سمي لقوَّته في نفسه، ولأن الكذب لا قوة له هو باطل، وأصل هذا من قولهم شيء صدق أي: صلب، ورمح صدق، ويقال: صدقوهم القتال، وفي خلاف ذلك كذبوهم، والصديق الملازم للصدق، والصداق: صداق المرأة سُمي بذلك لقوته، وأنه حق يلزم، والصداقة مشتقة من الصدق في المودة، وفي (لسان العرب) يقول ابن منظور: الصدق نقيض الكذب، وصدقه الحديث أنبأه بالصدق، والمصدق الذي يصدقك في حديثك، والصديق الدائم التصديق، والذي يصدق قوله بالعمل والمبالغ في الصدق، والصَّدْق الثبت اللقاء، وقال ابن درستويه: ليس الصدق من الصلابة في شيء، وإنما الصدق الجامع للأوصاف المحمودة.
قال الخليل: الصدق الكامل من كل شيء. ويقول صاحب معجم (مفردات ألفاظ القرآن): الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيًا كان أو مستقبلًا، وعدًا كان أو غيره، ولا يكونان بالقصد الأول إلا في القول، ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام، ويقول: وقد يكونان -أي: الصدق والكذب- بالعرض في غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والأمر والدعاء، ويسوق في ذلك الأمثلة، والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معه، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقًا تامًّا؛ بل إما ألا يوصف بالصدق، وإما أن يوصف تارة بالصدق وتارة بالكذب على نظرين مختلفين، كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد: محمد رسول الله، فإن