الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه قصة يوسف مع امرأة العزيز، من قصص القرآن العظيم، تأتي كسابقتها من قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة موسى والخضر، لا تذكر في القرآن إلا في موضع واحد.
وفي قصة يوسف مع امرأة العزيز نجد أن الآيات التي تحدثت عنها لم تذكر في غير سورة "يوسف"، وذكرت في سياق الحديث عن يوسف -عليه السلام- حين تناولت آيات السورة قصة يوسف مع أبيه ومع إخوته، ثم مع امرأة العزيز، كما ذكرت حياته في السجن، وما كان من أمره، وذكرت خروجه من السجن، وتوليه وزارة المالية والاقتصاد والتموين، وأنَّ الله مكن له في الأرض، إلى آخر ما كان من أمره؛ حيث جمعه الله بأبيه وإخوته على أرض مصر {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}(يوسف: ١٠٠، ١٠١).
القرآن حين يروي لنا أحداث هذه القصة، لا يرويها مجرَّد أحداث للتسلية والتاريخ، إنما يربطها بأهداف القصة في القرآن، ومنها: الدلالة على صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يبلغ عن ربه، وأنَّ هذا القرآن من عند الله، فإذا ثبت هذا كان لزامًا على مَنْ يسلِّم به أن يؤمن بهذا القرآن منهجًا ودليلًا، وبمن أنزله إلهًا معبودًا، وبمن نزل عليه اتباعًا وانقيادًا، ولذلك ترى في بداية القصة تحديد هذه