إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاد له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
الأخلاق في القرآن الكريم:
الإيثار في كتاب اللغة:
صاحب معجم (مقاييس اللغة) ابن فارس الهمزة والتاء والراء له ثلاثة أصول: تقديم الشيء، وذكر الشيء، ورسم الشيء، قال الخليل: فالآثر الذي يُؤثر خُفَّ البعير، والأثير من الدواب العظيم الأثر في الأرض بخُفّه أو حافره، والأثير الكريم عليك الذي تُؤثره بفضلك وصلتك، ومعنى هذا عند ابن فارس: أن الكريم الذي تؤثره بفضلك وصلتك، هو كريم عليك تصنع به معروفًا له أثره، يبقى هذا الأثر في حياته معلمًا بارزًا كما ترى في خفّ البعير الذي يسير في الأرض فيترك فيها أثرًا، كما قال بخفه أو حافره.
أما صاحب (اللسان) الإمام ابن منظور فيقول: آثره أكرمه، ورجل أثير مكين مكرم، وآثره عليه فضله، وفي التنزيل {لَقَدْ آَثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا}(يوسف: ٩١) وآثرت فلانًا على نفسي من الإيثار، الأصمعي: آثرتك إيثارًا أي: فضلتك، فصاحب (لسان العرب) يُبيّن أن الإيثار معناه: أن تفضل واحدًا على نفسك.
أما صاحب (مفردات القرآن الكريم) فيقول: آثر الشيء حصول ما يدل على وجوده، والمآثر ما يُروى من مكارم الإنسان، ويستعار الأثر للفضل والإيثار للتفضّل، ومنه آثرته والاستئثار التفرد بالشيء من دون غيره.
وفي (المعجم الوسيط): آثاره إيثارًا اختاره وفضله، ويقال: آثره على نفسه، والشيء بالشيء خصَّه به، وجعله يتبع أثره، والإيثار تفضيل المرء غيره على نفسه، والإيثارية عند علماء الأخلاق مذهب يُعارض الأثرة، ويرمي إلى تفضيل خير الآخرين على الخير الشخصي، وعند علماء النفس اتجاه اهتمام الإنسان