في إنه ملازم لهم، وسوف يكون معهم وسوف ينصرهم، {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ} المسلمة المؤمنة وهؤلاء الكفرة {نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ و َقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} فقد رأى ملائكة الرحمن وقد نزلت إلى أرض المعركة تقاتل مع أهل الإسلام، {إِنِّيَ أَخَافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَاب}.
نخلص من خلال عرض هذه الآيات إلى أن هذه الآيات قد جاءت تتحدث عن جوار وعن إجارة وعن أشياء ليست في موضوعنا، إلا فيما جاء في سورة "النساء" في قول الله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}(النساء: ٣٦).
على آية حال، هذه الآية الكريمة بما فيها من أمر بالإحسان إلى هؤلاء الذين ذكرهم الله -سبحانه وتعالى- من الوالدين وذي القربى واليتامى والمساكين والجيران ... إلى آخره، هذه الآية الكريمة التي تعني الجوار الذي نتحدث عنه وفيها الأمر بالإحسان إلى هؤلاء الذين ذكرهم الله -سبحانه وتعالى-، ومعنى هذا الإحسان أن نقابل الإساءة بالإحسان، وأن نتغاضى عما يكون من الجيران من هفوات، ولا يكفي في الإحسان هذا إنما يعني هذا الإحسان أن نواسي هؤلاء، وأن نقدم لهم ما نستطيع من ألوان البِر وألوان الخير.
المواساة بين الجيران من خلال السنة الشريفة وأقوال العلماء
لعلنا حين نستعرض بعض ما جاء في السنة المشرفة -وهو كثير بحمد الله- يتضح لنا المراد بهذا الإحسان الذي ذكرته آية "النساء". ومن هذه الأحاديث الشريفة نستطيع أن نعرف كيف يكون التغاضي عن الجار وكيف تكون المواساة بين الجيران.
يروي الإمام البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يمنع جار جاره أن يغرس خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين؟! والله لأرمين بها بين أكتافكم".