وهي -كالقصتين السابقتين- لم ترد في القرآن إلا في سورة "الكهف"، فدراستنا لها سيكون من خلال الآيات التي تناولتها في السورة الكريمة.
وقبل أن نبدأ في عرض أحداث هذه القصة، أود أن أشير إلى ضبط كلمة الخِضْر. يقول ابن منظور:"يقول أهل العربية: الخَضِر، بفتح الخاء وكسر الضاد، ويجوز في العربية: الخِضْر، كما يقال: كَبِد وكِبْد. قال الجوهري: وهو أفصح". فمن نطق الخَضِر فهو صحيح، ومن نطق الخِضْر فهو صحيح، بل هذا هو الأفصح -كما قال صاحب (لسان العرب).
والقصة لا تذكر اسم الخضر، ولا تخبرنا عن المكان الذي حصل فيه اللقاء، سوى أنه مجمع البحرين، كما لا نعرف متى كان ذلك في حياة موسى، هل حدث هذا حين كان في مصر، أو بعد أن عبر ببني إسرائيل إلى سيناء، كما لم تذكر السبب الذي من أجله كان بحث موسى عن هذا العبد الصالح، وبعد أن ذكر لموسى الأسباب التي جعلته يفعل ما يفعل، لم تخبرنا الآيات أين ذهب ولا ماذا كان من أمره، فالقصة كما ترون كلها مفاجآت، تنتقل بك في عالم مجهول وأسرار لا تتضح لموسى نفسه، ولم يعرف عنها شيئًا إلا بعد أن آذنه العبد الصالح بفراقه؛ لأن موسى لن يستطيع معه صبرًا.
ولو تأملت في مجمل القصة وما فيها من أسرار، تستطيع أن تدرك سر ارتباطها بما قبلها من الآيات في السورة، فالسورة بدأت بعد مقدمتها بقصة أصحاب الكهف، وأمرهم عجب لم تفصح القصة عن أسمائهم، ولا عن مكانهم ولا عن ملكهم، وترد علم ذلك وغيره لله، فالفتية بعد استيقاظهم قالوا: