بقي لنا أيضًا حديث رواه الإمام البخاري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:((آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة -أي غير مهتمة بمظهرها- فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل؛ لأنه كان في صيامه صيام نفل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقه، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدق س لمان)).
هذه هي إذًا حقوق وإكرام الضيوف، كما جاءت في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم.
إكرام الضيف عند الإمام الغزالي
بقي لنا أن نتجول فيما ورد من أئمتنا فيما كتبوه في هذا الباب، وأمامنا في (إحياء علوم الدين) في الباب الرابع يذكر لنا آداب الضيافة، ويذكر الإمام الغزالي في آداب الضيافة أن مظان الآداب في ذلك ستة: الدعوة أولًا، ثم الإجابة، ثم الحضور، ثم تقديم الطعام، ثم الأكل، ثم الانصراف. فيتكلم لنا عن فضيلة الضيافة ويذكر فيها جملة من الأحاديث اخترت منها ما صح من الأحاديث؛ لأنه يذكر أحاديث كثيرة في كل جزئية من جزئيات الموضوع، وبعض هذه الأحاديث فيها ضعف ولا تصلح للاستشهاد في هذا المقام.
فمما جاء في ذلك من الأحاديث الصحيحة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل: ما الإيمان فقال: ((إطعام الطعام وبذل السلام)) وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((في الكفارات والدرجات