الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فموضوع حديثنا عن الأمثال في القرآن الكريم وتأثيرها على السامعين:
فما هو المثل في لغتنا العربية؟ وما أهميته؟ وما هي فوائده؟:
يقول ابن فارس:"مثل، الميم والثاء واللام، أصل صحيح يدل على مناظرة الشيء للشيء، وهذا مثل هذا أي نظيره، ويقول: والمثل المضروب مأخوذ من هذا؛ لأنه يذكر مورًّى به عن مثله في المعنى".
ويقول ابن منظور:"مثل، كلمة تسوية، يقال: هذا مثله ومثله، كما يقال: شبهه وشبهه، بمعنًى". قال ابن بري:"الفرق بين المماثلة والمساواة، أن المساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين؛ لأن التساوي هو التكافؤ في المقدار، لا يزيد ولا ينقص، وأما المماثلة فلا تكون إلا في المتفقين، تقول: نحوه كنحوه، وفقهه كفقهه، ولونه كلونه، وطعمه كطعمه، فإذا قيل: هو مثله على الإطلاق، فمعناه: أنه يسد مسده، وإذا قيل: هو مثله في كذا، فهو مساوٍ له في جهة دون جهة" ثم يقول: "والمثل الشيء الذي يضرب بشيء مثلًا، فيجعل مثله".
وفي (الصحاح) ما يضرب به من الأمثال، ومثل الشيء أيضًا صفته، وقد يكون المثل بمعنى العبرة، ومنه قوله -عز وجل:{فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ}(الزخرف: ٥٦)، ويكون بمعنى الآية كما قال تعالى في صفة عيسى -على نبينا وعليه الصلاة والسلام-: {وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: آية تدل على نبوته.
وذكر الراغب في (مفردات ألفاظ القرآن) قريبًا مما ذكره ابن فارس وابن منظور، وإن كان قد توسّع في الاستشهاد بالآيات، ومما قال:"المثل عبارة عن قول في شيء يشبه قولًا في شيء آخر، بينهما مشابهة؛ ليبين أحدهما الآخر ويصوره".