ثم تبدأ القصة بقوله تعالى:{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ}(يوسف: ٤) إلى آخر ما قال الله -عز وجل، وفي نهاية القصة، بعد دعاء يوسف -عليه السلام- ربه فاطر السموات والأرض، بأن يتوفاه مسلمًا، وأن يلحقه بالصالحين، يقول تعالى إثباتًا وتحقيقًا لأهداف القصة:{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}(يوسف: ١٠٢)، ثم تعقِّب الآيات على ذلك ببيان موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من المشركين، وباستلهام العِبَر والعظات من القصة، إلى أن تختم بقوله:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(يوسف: ١١١)، فكيف صارت أحداث قصة يوسف مع امرأة العزيز في جملة قصة يوسف مع أطراف أخرى ممن واكبوا مسيرة يوسف منذ طفولته إلى أن صار عزيز مصر، وإلى أن جمعه الله بأهله.
إن هذه القصة، لو تأمّلت فيها؛ لوجدتّ أنها تتألف من عدة حلقات أو فصول أو مشاهد، تبدأ من بداية السورة إلى أن تنتهي بإعلان براءة يوسف؛ حين جمع الملك النسوة ومعهنّ امرأة العزيز، وسألهن الملك:{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ}(يوسف: ٥١) إلى قوله: {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}(يوسف: ٥٣) لتبدأ بعد هذه المحن أيام المنن والعطايا؛ حيث يكون يوسف من خاصّة الملك والمقرَّبين له، ويتولى خزائن الأرض، ويحتل المكانة العالية؛ فيتبوأ في الأرض منها حيث يشاء.