وتسير قصة يوسف إلى نهايتها لتكون نبراسًا يضيء الطريق للمظلومين والمستضعفين من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن النصر والتمكين لهم، وتلك سنة الله في عباده:{وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ * حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}(يوسف: ١٠٩، ١١٠).
وحين نقول بأن قصة يوسف مع امرأة العزيز تتألّف من حلقات أو فصول أو مشاهد، لا نقصد هذا البناء في صياغة القصة من تقسيمها إلى فصول، ينتهي فصل فيقال: الفصل الثاني وهكذا، إنما تنساب الآيات رقراقة عذبة ممتعة، يأخذ سحرها بالألباب في روعة كلماتها، والانتقال معها من آية لآية، ليس لأحد دخل في بداية الآية أو نهايتها، إنما هذا وحي الله الذي أوحاه لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكل ثلاث آيات معجزة يتحدّى الله بها الإنس والجن أن يأتوا بمثله، فلم يفعلوا ولن يفعلوا، فأين أسلوب وبناء وتأليف القصص التي يصوغها الأدباء والكتاب من أسلوب وبناء القصة القرآنية؟ وأين الثرى من الثُّريّا؟!.
لكنّك لا تستطيع الحديث عما كان من أمر يوسف مع امرأة العزيز قبل أن تقف مع الأسباب التي ساقت يوسف إلى بيت عزيز مصر، لتعرف من هو يوسف، وماذا كان من أمره حتى كان عبدًا يباع في الأسواق وهو الكريم بن الكريم بن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل -عليهم جميعًا السلام.
تبدأ السورة كما ذكرنا بالحروف المقطعة {الر}؛ لتقول: إنّ آيات القرآن المبين مؤلَّفة من هذه الأحرف، فليست من لغة غير اللغة العربية، وهذه الآيات المؤلفة من الحروف ثم الكلمات، تنطق بها فإذا هي كلمات كالكلمات التي ينطق بها