للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الخطبة مشروعة لمن أراد الزواج، وهي في الحقيقة من الأمور المستحبة، ووجه الاستحباب فيها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلها في زواجه من أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-؛ حيث خطبها من أبي بكر -رضي الله عنه- كما خطب -عليه الصلاة والسلام- أم المؤمنين حفظة -رضي الله عنها-، فهذا وجه الاستحباب في هذه المسألة، وهي في الحقيقة فترة مهمة؛ لأنها هي الطريق ليتعرَّف كل من الخاطبين على الأخر، إذ تتيح الفرصة لمعرفة أخلاق وطبائع وميول الطرفين، ولكن هذا لا بد أن يكون في حدود ما جاءت به شريعة الإسلام.

والتعدي في هذه المرحلة على حدود الله، والخروج عما جاء به دين الله يؤدّي إلى ما لا تُحمد عقباه، فما هي الأسس والمبادئ والأخلاق التي وضعها ربنا -سبحانه وتعالى-، وجعلها رسولنا -صلى الله عليه وسلم- منهجًا للطرفين حتى تتمّ أيام الخطبة فتؤدي إلى النتيجة المرجوة من زواج قائم على هدي الله، وعلى دين الله -سبحانه وتعالى.

هناك بعض الجاهلين بدينهم قد يُبيحون لبناتهم الخلوة، وأحاديث لهوًا لتستطيع الفتاة أن تختار عن معرفة بمن تُريد أن ترتبط به برباط الزواج، وقد لا تتم الخطبة فتصل إلى نهايتها، والبعض لا يتورَّع عن ذلك إذا تمت الخطبة، فترى الخاطب يخلو بمخطوبته ويخرج بها، ويسافر هنا وهناك، وقد لا يتمّ الزواج لأمر ما، فيكون الندم والتعاسة والضياع، ولات ساعة مندم؛ فقد حدث ما لا تُحمد عقباه، وبعض أولياء أمور الفتيات يسارعون بعقد الزواج؛ خروجًا من هذا الحرج، وهذا مر جيد لو تم الدخول بعد العقد بوقت قصير، ولكن الدخول قد يتأخَّر لزمن بعيد، لما اعترى المجتمعات الإسلامية من ظروف اقتصادية، وقد تجدّ مشكلات تؤدِّي إلى الانفصال، فماذا تصنع الفتاة، وماذا يصنع أهلها؟ والرجل الذي ارتضوه لابنتهم يُنكره أنه دخل بها، حتى لا يتحمل ما يلزم الزواج من حقوق، وقد تكون حملت منه وهو يُنكر هذا، والعرف قد جرى أن الرجل لا

<<  <   >  >>