قال:"فاستولت على القلوب مداهنة الخلق وانمحت عنها مراقبة الخالق، واسترسل الناس في اتّباع الهوى والشهوات استرسال البهائم، وعزّ على بساط الأرض مؤمن صادق، لا تأخذه في الله لومة لائم"، ثم يقول:"فمن سعى في تلافي هذه الفترة، وسد هذه الثلمة، إما متكفلًا بعملها، أو متقلدًا لتنفيذها، مجددًا لهذه السنة الدائرة، ناهضًا بأعبائها، ومتشمّرًا في إحيائها، كان مستأثرًا من بين الخلق بإحياء سنة أفضى الزمان إلى إماتتها، ومستبدًّا بقربة تتضاءل القرب دون ذروتها".
ولا أدري ماذا كان سيقول الإمام أبو حامد الغزالي، المتوفّى عام خمس وخمس مائة من الهجرة، وبعد أكثر من تسعة قرون، حين يرى ما آل إليه حال الدنيا من الفساد والانحراف عن دين الله، وعلى قدر انتشار الفساد وقوته، يكون أجر من يقاومه ما يستطيع من ألوان المقاومة، حتى يستقيم الناس على طريق الحق، فيعود الأمن والسلام والسعادة لبني الإنسان.