حينذاك نطقت امرأة العزيز قائلة:{الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} أي ظهر ووضح {أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ}(يوسف: ٥١) وإنه لمن الصادقين فيما قال، ثم واصلت قائلة:{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ}(يوسف: ٥٢) أي زوجي {أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}(يوسف: ٥٢) ولم أقع في الفاحشة {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}(يوسف: ٥٢) وإنما كانت المسألة مراودة، لم تصل إلى حد الوقوع في الجريمة الكبرى، وكان هذا من وساوس النفس والشيطان {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}(يوسف: ٥٣).
وبعد أن استمع الملك إلى هذه البراءة الناصعة قال:{ائْتُونِي بِهِ}(يوسف: ٥٤) أي بيوسف أستخلصه لنفسه، فلما كلمه وجد عقلًا وعلمًا وأدبًا وحكمة {قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}(يوسف: ٥٤){قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}(يوسف: ٥٥) و {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} سارت -أيها الأبناء- أحداث قصة يوسف بعد أن تولى يوسف وزارة مصر، ومكن الله له فيها، سارت الأحداث في طريقها إلى أن جمع الله له أبويه وإخوته، فحمد الله وأثنى عليه وقال:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}(يوسف: ١٠١).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.