وميزان وسؤال وصراط وجنة ونار، ترون طريقة نوح في ذلك في قوله لقومه:{إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}(الشعراء: ١٣٥) فدعاهم إلى العبودية لله وألا يتخذوا من دونه آلهة، وخوفهم من عذاب الله يوم القيامة بما أعده الله للمشركين، فأثبت بذلك الإيمان بيوم البعث والحساب، وساق ذلك في أسلوب الحريص عليهم، الذي يخاف على قومه من سوء الحساب.
وإذا كان الإنسان إذا ما نزل ظلم بأحبابه من الأهل والعشيرة يحزن لذلك ويتألم، ويبذل قصارى جهده في دفع هذا الضر، مع أنه ضرر في أمر من أمور الدنيا من صحة أو مال أو ولد، وهذه قد تمر بالصبر عليها ولا يترتب عليها كبير ضرر، حتى لو كان الضرر كبيرًا فهو إلى نهاية، أما أن يعبر الإنسان قنطرة الحياة، ويرد على الكبير المتعال مشركًا به، لا يؤمن بهذا اللقاء، فإن خسارته لا عوض عنها، قال تعالى:{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}(الأنعام: ٣١)، وقال:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}(يونس: ٤٥).