وكل من أتى من الأنبياء والمرسلين بعد إبراهيم فهو من ذريته، ولذلك بعد أن ذكر الله ما كان من أمر إبراهيم مع قومه عبدة الأصنام، وما كان من إلقائهم له في النار ونجاة الله له، قال تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}(العنكبوت: ٢٧).
ومن منهج إبراهيم في الدعوة إلى الله: بناء البيت الحرام بأمر الله، ومن أجل بناء هذا البيت تحمل إبراهيم ألم فراق إسماعيل، الذي رزق به وقد تجاوز الثمانين من عمره، وليته حين فارقه تركه في مكان آمن فيه مقومات الحياة، أو تركه شابًّا يعمل فيكسب قوته وقوت أمه، إنما تركه طفلًا رضيعًا في مكان ليس به أي مظهر من مظاهر الحياة، فمن يطيق ذلك غير إبراهيم الخليل، ولما كبر هذا الطفل وأصبح صبيًّا، يرى إبراهيم في منامه أنه يذبح إسماعيل، ورؤيا الأنبياء حق، فيأتي من أرض فلسطين إلى مكة؛ ليقص على ابنه رؤياه فيقول الابن:{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}(الصافات: ١٢) ويكون الفداء جزاء هذا الصبر والاستسلام لأمر الله.
ثم يؤمر إبراهيم بأن يرفع القواعد من البيت، فيساعده إسماعيل في ذلك ويتما البناء، ويدعو الناس لحج هذا البيت، فيبقى ذكر إبراهيم وذكر جهاده نورًا يهدي