للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاتساع في الإحسان والحج والصدق والطاعة، وضد العقوق، وبالفتح -أي: البر- من الأسماء الحسنة.

أما الراغب في (معجم مفردات ألفاظ القرآن) فيقول: الحسن عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه؛ وذلك ثلاثة أضرب؛ مستحسن من جهة العقل، ومستحسن من جهة الهوى، ومستحسن من جهة الحس، ثم يقول: والإحسان يقال على وجهين:

أحدهما: الإنعام على الغير، يقال: أحسن على فلان.

والثاني: إحسان في فعله، والإحسان أعم من الإنعام؛ قال تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} (الإسراء: ٧)، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (النحل: ٩٠) فالإحسان فوق العدل؛ وذلك أن العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ما له، والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له، ولذلك عظم ثواب المحسنين؛ فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُحْسِنِين} وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} (البقرة: ١٩٥) ويقول في البِّر: البَّر خلاف البحر، وتصور منه التوسع، فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير، وينسب ذلك إلى الله تارة نحو {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم} (الطور:٢٨) وإلى العبد تارة فيقال: بر العبد ربه؛ أي توسع في طاعته، فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة، وذلك ضربان: ضرب في الاعتقاد وضرب في الأعمال، وقد اشتمل عليه قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} (البقرة: ١٧٧) الآية، وعلى هذا ما روي أنه سئل -عليه الصلاة والسلام- عن البر فتلا هذه الآية؛ فإن الآية متضمنة للاعتقاد وأعمال الفرائض والنوافل، وبر الوالدين التوسع في الإحسان إليهم وضده العقوق قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} (الممتحنة: ٨) ويستعمل البر في الصدق لكونه بعد الخير المتوسع فيه، يقال: بر في قوله وبر في يمينه، وقول الشاعر:

<<  <   >  >>