وفي منهج الدعوة تراه يستفيد من هذا الاعتراف ليقول لهم: ألا يستحق هذا الرب أن يعبد وحده؟! ويلفت أنظارهم إلى استحالة أن يكون مع هذا الإله المتصف بصفات الكمال إله آخر، ويتعجب من حالهم، وهو يذكر لهم ما لا يستطيعون أن ينكروه، حين يذكر لهم ما عليه معبوداتهم من عجز وضعف، وأنها لا تملك ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا.
هذا الأسلوب الفذ في إثبات الألوهية لله، يسوق مظاهر الطبيعة، وما يعتريهم من حالات الاضطرار والوقوع في مشكلات الأيام والزمان، وما يكون من دعائهم لربهم مخلصين له الدين، وكلما عرض شيء من ذلك أخذ يتساءل {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ}، {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ويعقب على ذلك بقوله كما رأيتم في الآيات: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}، {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} وأخيرًا يتحداهم أن يأتوا ببرهان واحد على صحة ما يعتقدون فيقول: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فما أعظم هذا البيان.