نرى في سياق هذه الآيات الخمس أن الضيف أو الضيوف والضيفان هنا هم ملائكة الرحمن، ملائكة الرحمن جاءوا إلى إبراهيم -عليه السلام- وبشروه بغلام عليم وهو إسحاق -عليه السلام-، وتذكر الآيات ما كان من أمر هؤلاء الضيوف وأمر إبراهيم معهم حين قدّم إليهم هذا العجل السمين وأكرمهم، وأراد أن يقرّب إليهم أكلًا، فقربه إليهم وقال: ألا تأكلون؟ فلما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة، فأظهروا له حقيقة أمرهم وأخبروه بأنهم جاءوا بأمر آخر وهو قرى لوط التي ارتكبت الفاحشة، وهؤلاء الضيوف الذين نزلوا على إبراهيم الخليل -عليه السلام- هم الذين ذكرهم الله في الآيات الأخرى في أمر لوط -عليه السلام-؛ حيث جاءوا إليه في صورة رجال في هيئة حسنة، ولما علم قومه بهؤلاء الضيوف جاءوا يطلبون منه أن يرتكبون الفاحشة مع هؤلاء الضيوف، فقال لهم لوط ما ذكره الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، فكان هؤلاء الضيوف كما رأينا في الآيات حين قال لوط -عليه السلام- لقومه:{يَا قَوْم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}(هود: ٧٨)، وقال لهم:{قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ}(الحجر: ٦٩).
إذًا المذكور في القرآن الكريم من أمر هؤلاء الضيوف هم ملائكة الرحمن الذين أتوا لإبراهيم -عليه السلام- ثم انتقلوا من عند إبراهيم إلى لوط -عليه السلام.
والحديث عن هؤلاء الضيوف ليس هو الموضوع الذي نريد أن نتحدث فيه؛ لأن الموضوع الذي نتحدث فيه في أخلاق القرآن هو ما جاء به هذا الدين وما جاء به هذا الإسلام وما جاء في القرآن الكريم، من دعوة لإكرام الضيوف الذين هم إخوان والذين هم أخوة والذين هم أحبة.