للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفقت لها القصص بعد ذلك لشرحها وتفسيرها)) (١) ، وقد يصدق هذا على المثل المفرد الذي تروى حوله أحياناً عدة قصص، ولكن الأمثال العنقودية تحتاج خيالاً في الربط السردي لتطور الحوادث أولاً، فهذا الخيال هو الذي يقوم بعملية ((الحكاية)) المسترسلة، أما ما يصبح فيها أمثالاً فليس سوى الذرى الشاهقة في الحكاية أو نقاط التحول أو سطوع الحكمة في الحوار؛ وحين تصبح تلك الحكايات مجالاً للسمر والتسلية، يقف القاص فيها عند تلك النقاط الحية ويوردها في نغمة خاصة، فتصبح على كل لسان، وتجتزأ من الحكاية كما يجتزأ البيت السائر من القصيدة.

وتتمثل هذه الأمثال العنقودية في الأحداث الكبرى مثل حرب داحس وحرب البسوس، وقصة ابنة الزبا (٢) ، وفي الدوران حول بعض الشخصيات الكبرى أو الغربية مثل لقمان والحارث بن ظالم، وانعمان بن المنذر والسليك بن السلكة وبيهس (الأحمق الحكيم) وبين هذين الموضوعين فرق واضح، فإن الأمثال حول الأحداث يضبطها سياق متسلسل، بينا تجيء الأمثال حول ((الأبطال)) في صورة ((عناقيد مفرقة)) ليس فيها وحدة متسلسل، ولهذا تجد الحكايات عن لقمان مما أورده المفضل ومما لم يورده أو عن الحارث بن ظالم، مفرقة في عدة مواطن، لا تربطها وحدة كبرى، كما أن شيئاً من الافتعال واضح في محاولة ربط بعض العناقيد أحياناً بالبعض الآخر؛ ومما يدل على أن سياق الحكاية هو الأهم في قصص الأحداث الكبري، أن الأمثال قد تنتهي، ولكن المفضل يعمد إلى إيراد القصة مكتملة ولو خلت من أمثال.

وتتناول أمثال الضبي - باستثنائات يسيرة - العصر الجاهلي، وتبدو فيها


(١) الأمثال في النثر العربي القديم: ٣٧.
(٢) هو المصدر الوحيد الذي يسميها كذلك، وعند البكري ((زبي)) ويرى عابدين (٣٩) إن المفضل أقرب إلى الأصل لأن اسم الماكة في النقوش سبتميا بنت زباي (وزباي اسم والد الملكة، وكان قائد خيالة تدمر) .

<<  <   >  >>