والطوّافين «١» . والقوم قبلي أن يموتوا لم يكن لهم تلك عادة. وليس يقول الناس:
والله لفلان أصح من الجلاوزة «٢» ؟ (يعني اختلاف الجلاوزة في العدو) . ولربما أقمت في المنزل لبعض الأمر، فأكثر الصعود والنزول خوفا من قلة الحركة.
وأما التشاغل بالبعيد عن القريب، فإني لا أعرض للبعيد حتى أفرغ من القريب. وأما ما ذكرتم من الزيادة في الطعم فقد أيقنت نفسي، واطمأن قلبي، على أنه ليس لنفسي إلا ما لها، وأنها إن حاسبتني أيام النصب، حاسبتها أيام الراحة. فستعلم حينئذ أين أيام الخريبة من أيام ثقيف «٣» . وأما ما ذكرتم من تلقّي الحمولة، ومن مزاحمة أهل السوق، ومن النّتر والجذب، فأنا أقطع عرض السوق من قبل أن يقوم أهل السوق لصلاتهم، ثم يكون رجوعي على ظهر السوق «٤» . وأما ما ذكرتم من شأن النعل والسراويل، فإني من لدن خروجي من منزلي، إلى أن أقرب من باب صاحبي، فإنما نعلي في يدي، وسراويلي في كمّي. فإذا صرت إليه لبستهما، فإذا فصلت من عنده خلعتهما.
فهما في ذلك اليوم أودع أبدانا «٥» وأحسن حالا. بقي الان لكم مما ذكرتم شيء» ؟ قالوا:«لا» ؛ قال:«فههنا واحدة تفي بجميع ما ذكرتم» قالوا:
«وما هي» ؟ قال:«إذا علم القريب الدار، ومن لي عليه ألوف الدنانير، شدة مطالبتي للبعيد الدار، ومن ليس لي عليه إلا الفلوس، أتى بحقّي ولم يطمع نفسه في مالي. وهذا تدبير يجمع الى رجوع مالي طول راحة بدني «٦» . ثم أنا بالخيار في ترك الراحة، لأني أقسمها على الأشغال حينئذ كيف شئت. وأخرى أن هذا القليل لو لم يكن فضلة من كثير، وموصولا بدين لي مشهور، لجاز أن