أتجافى «١» عنه. فأما أن أدع شيئا يطمع في فضول «٢» ما يبقى على الغرماء «٣» ، فهذا ما لا يجوز» . فقاموا وقالوا بأجمعهم:«لا والله لا سألناك عن مشكلة» .
حدّثني أحمد المكي- أخو محمد المكي- وكان متصلا بأبي سعيد، بسبب العينة، وبسبب صنعة المال، ولأعاجيب أبي سعيد وحديثه.
قال أحمد: قلت له مرّة: «والله إنك لكثير المال، وإنك لتعرف ما نجهل، وإن قميصك وسخ، فلم لا تأمر بغسله» ؟ قال:«فلو كنت قليل المال وأجهل ما تعرف، كيف كان قولك لي؟ إني قد فكرت في هذا منذ ستّة أشهر، فما وضح لي بعد وجه الأمر فيه.
أقول مرة: الثوب إذا اتسخ أكل البدن، كما يأكل الصدأ الحديد. والثوب إذا ترادفه العرق «٤» ، وجف وتراكم عليه الوسخ ولبد «٥» ، أكل السلك وأحرق الغزل. هذا مع نتن ريحه وقبح منظره. وبعد، فإني رجل آتي أبواب الغرماء، وغلمان غرمائي جبابرة، فما ظنّك بهم إذا رأوني في أطمار وسخة وأسمال درنة «٦» وحال حداد «٧» ؟ جبهوا مرة «٨» ، وحجبوا مرة. فيرجع ذلك علينا بمضرّة من إصلاح المال، وأن ينفي عنه كل ما أعان على حبسه، مع ما يدخل من الغيظ، ويلقى من كان كذلك من المكروه.
فاذا اجتمعت هذه الخواطر، هممت بغسلها. فإذا هممت به عارضني