للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البهائم، وأحببت أن تجمع مع تمام نفس المثري، ومع عزّ الغنى وسرور القدرة، فطنة المخفّ، وخواطر المقل، ومعرفة الهارب واستدلال الطالب «١» ، اقتصدت في الإنفاق، وكنت معدّا للحدثان، ومحترسا من كل خدّاع.

ليست تبلغ حيل لصوص النهار، وحيل سرّاق الليل، وحيل طرّاق البلدان، وحيل أصحاب الكيمياء وحيل التجار في الأسواق والصنّاع في جميع الصناعات، وحيل أصحاب الحروب «٢» ، وحيل المستأكلين والمتكسّبين. ولو جمعت الجفر «٣» والسحر والتمائم «٤» والسمّ، لكانت حيلهم في الناس أشد تغلغلا، وأعرض «٥» وأسرى في عمق البدن، وأدخل الى سويداء القلب وإلى أمّ الدماغ «٦» وإلى صميم الكبد ولهي أدّق مسلكا وأبعد غاية من العرق الساري والشبه النازع، «٧» ، ولو اتخذت الحيطان الرفيعة الثخينة والأقفال المحكمة الوثيقة، ولو اتخذت الممارق والجواسق «٨» والأبواب الشداد، والحرس المتناوبين بأغلظ المؤن وأشد الكلف، وتركت التقدّم فيما هو أحضر ضررا وأدوم شرا ولا غرم عليك في الحراسة فيه، ولا مشقة عليك في التحفّظ منه.

إنك إن فتحت لهم على نفسك مثل سمّ الخياط «٩» ، جعلوا فيه طريقا نهجا

<<  <   >  >>