نفسك من ثقتك، ولا أولى بأخذ الحذر. منه من أمينك، اختطفت اختطافا واستلبت استلابا وذوّبوا مالك وتحيّفوه «١» ، وألزموه السل ولم يداووه.
وقد قالوا: تلّى المال ربه وإن كان أحمق، فلا تكونّن دون ذلك الأحمق.
وقالوا: لا تعدم امرأة صناع ثلة «٢» ، فلا تكونن دون تلك المرأة. وقد قال الأول في المال المضيّع المسلّط عليه شهوات العيال: ليس لها راع ولكن حلبة «٣» .
وليس مالك المال المعفى من الأضراس، فيقال فيه: مرعى ولا أكولة، وعشب ولا بعير. فقصاراك مع الإصلاح أن يقوم بملء بطنك وبحقائقك، وبما ينوبك.
ولا يقال للمال على قلة الرعي وكثرة الحلب؛ فكس في أمرك «٤» ، وتقدّم في حفظ مالك، فإنّ من حفظ ماله فقد حفظ الأكرمين. والأكرمان بالدين والعرض. وقد قيل:«للرمي يراش السهم «٥» . وعند النطاح تغلب القرناء» «٦» . وإذا رأت العرب مستأكلا وافق غمرا «٧» قالت: «ليس عليك نسجه، فاسحق وخرّق «٨» » . وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الناس كلّهم سواء كأسنان المشط، والمرء كثير بأخيه. ولا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل ما يرى لنفسه. فتعرّف شأن أصحابك، ومعنى جلسائك؛ فإن كانوا في هذه الصفة فاستعمل الحزم، وإن كانوا في خلاف ذلك عملت على حسب ذلك.
إني لست آمرك إلا بما أمرك به القرآن: ولست أوصيك إلا بما أوصاك به