الرسول، ولا أعظّك إلا بما وعظ به الصالحون بعضهم بعضا. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«أعقلها وتوكّل «١» » . وقال مطرّف بن الشّخير «٢» : «من نام تحت صدف مائل وهو ينوي التوكّل، فليرم بنفسه من طمار وهو ينوي التوكّل «٣» » .
فأين التوقّي الذي أمر الله به؟ وأين التغرير «٤» الذي نهى عنه؟ ومن طمع في السلامة من غير تسلّم فقد وضع الطمع في موضع الأمانّي. وإنما ينجز الله الطمع إذا كان فيما أمر الله به، وإنما يحقق من الأمل ما كان هو المسبّب له. وفرّ عمر من الطاعون، فقال له أبو عبيدة:«أتفرّ من قدر الله» ؟ قال:«نعم إلى قدر الله» . وقيل له:«ينفع الحذر من القدر» ! فقال: «لو كان لحذر لا ينفع لكان الأمر به لغوا» . فإبلاء «٥» العذر هو التوكّل. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لرجل قال في خصومة: حسبي الله: «أبل الله عذرا، فإذا أعجزك أمر فقل: حسبي الله» . وقال لشاعر:
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا ... من المال يطرح نفسه كلّ مطرح
ليبلي عذرا أو ليبلغ حاجة ... ومبلغ نفس عذرها مثل منجح
وقال الآخر:
فإن يكن القاضي قضى غير عادل ... فبعد أمور لا ألوم لها نفسي
وقال زهير البابّي: «إن كان التوكل أن أكون متى أخرجت مالي أيقنت بالخلف، وجعلت الخلف مالا يرجع في كيسي، ومتى ما لم أحفظ أيقنت بأنه محفوظ، فإني أشهدكم إني لم أتوكل قط. إنما التوكّل أن تعلم أنك متى أخذت