ثم يقول للذي يليه:«أبا فلان ما أدمك» ؟ فيقول:«الشبارقات «١» والأخبصة والفالوذجات «٢» » . قال:«طعام العجم، وعيش كسرى، ولباب البرّ، بلعاب النحل، بخالص السمن» ، حتى أتى على آخرهم؛ كل ذلك يقول:«بئس العيش هذا. ليس هذا عيش آل الخطاب. كان ابن الخطاب. يضرب على هذا» .
فلما انقضى كلامه أقبل عليه بعضهم، فقال:«يا أبا سعيد ما أدمك» ؟ قال:«يوما لبن، ويوما زيت، ويوما سمن، ويوما تمر، ويوما جبن ويوما قفار، ويوما لحم. عيش آل خطاب» .
ثم قال: قال أبو الأشهب: كان الحسن يشتري لأهله كل يوم بنصف درهم لحما. فإن غلا فبدرهم، فلما حبس عطاؤه كانت مرقته بشحم.
ونبّئت عن رجل من قريش أنه كان يقول:«من لم يحسن يمنع لم يحسن يعطي» وإنه قال لابنه: «أي بني؛ إنك إن أعطيت في غير موضع الإعطاء أوشك أن تستعطي الناس فلا تعطى» . ثم أقبل علينا، فقال: هل علمتم أن اليأس أقلّ من القناعة وأعزّ؟ إن الطمع لا يزال طمعا، وصاحب الطمع لا ينتظر لأسباب، ولا يعرف لطمع الكاذب من الصادق. والعيال عيالان: شهوة مفسدة وضرس طحون «٣» ، وأكل الشهوة أثقل من أكل الضرس؛ وقد زعموا أن العيال سوس المال، وأنه لا مال لذي عيال. وأنا أقول إن الشهوة تبلغ ما لا يبلغ السوس، وتأتي على ما