وآثرته لما رأيت الذي به ... على النفس أخشى لا حقات الملاوم «١»
فجاء بجلمود له مثل رأسه ... ليشرب حظّ القوم بين الصرائم «٢»
وقد يصيب القوم في باديتهم ومواضعهم من الجهد ما لم يسمع به في أمة من الأمم، ولا في ناحية من النواحي. وأن أحدهم ليجوع حتى يشدّ على بطنه الحجارة، وحتى يعتصم بشدة معاقد الإزار «٣» ، وينزع عمامته من رأسه فيشدّ بها بطنه. وإنما عمامته تاجة، والأعرابي يجد في رأسه من البرد، إذا كان حاسرا «٤» ، ما لا يجده أحد، لطول ملازمته العمامة، ولكثرة طيّها وتضاعف أثنائها. ولربما اعتمّ بعمامتين، ولربما كانت على قلنسوة خدرية «٥» . وقال مصعب بن عمير الليثي:
سيروا فقد جنّ الظلام عليكم ... فبئس امرؤ يرجو القرى عند عاصم
دفعنا اليه وهو كالذيخ خاطيا ... نشدّ على أكبادنا بالعمائم «٦»
وقال الراعي في ذلك:
يشبّ لركب منهم من ورائهم ... فكلهم أمسى الى ضوئها سرى
الى ضوء نار يشتوي القدّ أهلها ... وقد يكرم الأضياف والقدّ يشتوى
فلما أناخوا واشتكينا اليهم ... بكوا وكلا الخصمين مما به بكى «٧»
بكى معوز من أن يضاف وطارق ... يشدّ من الجوع الإزار على الحشا