وجشعهم، وسوء جوارهم. وكان قاصّا متكلما بليغا داهيا، وكان أبو سليمان الأعور، وأبو سعيد المدائني القاصّان من غلمانه. وهو الذي قال لابنه عند موته:
«إني قد تركت لك ما تأكله إن حفظته، وما لا تأكله إن ضيّعته.
ولما ورّثتك من العرف الصالح، وأشهدتك من صواب التدبير، وعوّدتك من عيش المقتصدين، خير لك من هذا المال. ولو دفعت إليك آلة لحفظ المال عليك بكل حيلة، ثم لم يكن لك معين من نفسك، لما انتفعت بشيء من ذلك. بل يعود ذلك النهي كله إغراء لك، وذلك المنع تهجينا لطاعتك.
قد بلغت في البّر منقطع التراب، وفي البحر أقصى مبلغ السفن.
فلا عليك ألا ترى ذا القرنين؛ ودع عنك مذاهب ابن شرية «١» ، فإنه لا يعرف إلا ظاهر الخبر. ولو رآني تميم الداريّ «٢» ، لأخذ عنيّ صفة الروم.
ولأنا أهدى من القطا، ومن دعيميص «٣» ، ومن رافع المخش، «٤» إني قد بتّ بالقفر مع الغول، وتزوّجت السّعلاة «٥» ، وجاوبت الهاتف، ورغت «٦» عن الجنّ الى الحنّ «٧» ، واصطدت الشقّ «٨» ، وجاوبت النسناس «٩» ، وصحبني الرئي «١٠» ، وعرفت خدع الكاهن، وتدسيس العرّاف، وإلى ما