فإذا هو يكتنز شحما. وقد كان غص بلقمة، وهو المستسقي ففرغ من الشراب، وقد غرف من بطنها كل إنسان منهم بلقمته غرفة.
وكان عيسى ينتخب الأكلة، ويختار منهم كل منهوم فيه، ومفتون به. فلما خاف عليّ الأسواري الإخفاق، وأشفق من الفوت، وكان أقربهم إليه عيسى، استلب «١» من يده اللقمة بأسرع من خطفة البازي «٢» ، وانكدار العقاب «٣» ، من غير أن يكون أكل عنده، قبل مرّته. فقيل له: ويحك! استلبت لقمة الأمير من يده، وقد رفعها اليه وشحا لها فاه «٤» ، من غير مؤانسة ولا ممازحة سالفة. قال: لم يكن الأمر كذلك، وكذب من قال ذلك. ولكنا أهوينا أيدينا معا، فوقعت يدي في مقدّم الشحمة، ووقعت يده في مؤخر الشحمة، معا. والشحم ملتبس بالأمعاء. فلما رفعنا أيدينا معا، كنت أنا أسرع حركة، وكانت الأمعاء متصلة غير متباينة، فتحوّل كل شيء كان في لقمته بتلك الجذبة الى لقمتي، لإتصال الجنس بالجنس، والجوهر بالجوهر.
وأنا كيف أؤاكل أقواما يصنعون هذا الصنيع، ثم يحتجون له بمثل هذه الحجج؟
ثم قال: إنكم تشيرون عليّ، بملابسة شرار الخلق، وأنذال الناس، وبكل عياب متعتّب، ووثاب على أعراض الناس متسرع. وهؤلاء لم يرضوا أن يدعوهم الناس، ولا يدعوا الناس، وأن يأكلوا ولا يطعموا، وأن يتحدثوا عن غيرهم، ولا يبالون أن يتحدث عنهم، وهم شرار الناس.
ثم قال: اجلس معاوية (وهو في مرتبة الخلافة، وفي السطح من