للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتب زياد إلى ابن عباس: صف لي الشجاعة والجبن والجود والبخل.

فقال: الشجاع هو المقاتل عمن لا يعرفه، والجبان يفرّ من عرسه، والجواد يعطي من لا يلزمه حقّه، والبخيل يمنع من نفسه. عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «شرّ ما في الرجل شحّ هالع، وجبن خالع» . يقال للجبان: جثم الخوف على أحشائه، وطارت عصافير رأسه إن أحسّ نبأة «١» طار فؤاده، وإن طنّت بعوضة طال سهاده، يفزعه صرير باب، وطنين ذباب، إن نظرت إليه شزرا غشي عليه شهرا، يحسب خفوق الرياح قعقعة الرماح. يقال: فرّ فرار الليل من وضح النهار. قيل لبعضهم: كيف حالك؟ قال: صارت الدنيا عليّ مثل سمّ الخياط «٢» .. قيل:

الجبن حرص على تأخير الأجل المحتوم، والشّره حرص على تغيير الرزق المقسوم، ومن أسوأ حالا ممن سعى لتبديل الآجال والأرزاق، ورجا دفع ما قدّر له أنه لاق، وأن لا يقيه منه واق.

قيل لرجل تعرّض له الأسد فأفلت منه: كيف تخلّصت؟ قال: بسلامة، إلّا أنّ الأسد خري في سراويلي. أعرابيّ لابنه: كن يدا لأصحابك على من قاتلهم، ولكن إيّاك والسيف فإنه ظلّ الموت، واتّق الرمح فإنه رشاء «٣» المنية، واحذر السّهام فإنها رسل الهلاك. في وصية سليمان عليه الصلاة والسلام: يا بنيّ لا تخالط السفهاء لأن انكسارهم يأتي بغتة. وعنه عليه السّلام: الانكسار يتبعه الذل. لما أقبل هرمز لمحاربة بهرام قال له حاجبه: أما تستعدّ؟ قال:

عدّتي ثبات قلبي وأصالة رأيي ونصل سيفي ونصرة خالقي.

<<  <   >  >>