للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتطلب ويحك أثرا بعد عين، أو عطرا بعد عروس، أو تريد أن تجتني عنبا من شوك، أو تلتمس حلب لبن من حائل. إنّك إذا أعيا من باقل، وأحمق من الضبع، وأغفل من هرم.

إن كنت تجهل بعد ما أعلمناك، وتعوجّ بعدما قوّمناك، وتبلّد بعدما ثقّفناك، وتضلّ إذ هديناك، وتنسى إذ ذكّرناك، فأنت كمن أضلّه الله على علم فبطلت عنده المواعظ، وعمي عن المنافع، فختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة. فنعوذ بالله من الخذلان.

إنّه لا يأتيك ولكن يناديك ولا يحاكيك ولكن يوازيك. أحسن ما تكون عنده حالا [أقلّ ما تكون مالا، وأكثر ما تكون عيالا، [وأعظم] ما تكون ضلالا. وأفرح ما يكون بك أقرب ما تكون بالمصيبة عهدا، وأبعد ما تكون من الناس حمدا.

فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الموتى، ومخالطة الزّمنى، والاجتنان بالجدران، ومصر المصران، وأكل القردان، أهون من معاشرته، والاتّصال بحبله.

والغلّ نتيج الحسد، وهو رضيعه، وغصن من أغصانه، وعون من أعوانه، وشعبة من شعبه، وفعل من أفعاله، كما أنّه ليس فرع إلّا له أصل، ولا مولود إلّا له مولد، ولا نبات إلّا من أرض، ولا رضيع إلّا من مرضع، وإن تغيّر اسمه، فإنّه صفة من صفاته، ونبت من نباته، ونعت من نعوته.

[١٠- الجنة حيث لا حسد]

ورأيت الله جل جلاله ذكر الجنّة في كتابه فحلّاها بأحسن حلية، وزيّنها بأحسن زينة، وجعلها دار أوليائه ومحلّ أنبيائه، ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فذكر في كتابه ما منّ به عليهم من

<<  <   >  >>