للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السّرور والكرامة عندما دخلوها وبوّأها لهم فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ. وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ. لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ.

فما أنزلهم دار كرامته إلّا بعد ما نزع الغلّ والحسد من قلوبهم، فتهنّوا بالجنّة، وقابلوا إخوانهم على السّرر، وتلذّذوا بالنظر في مقابلة الوجوه لسلامة صدورهم. ونزع الغلّ من قلوبهم. ولو لم ينزع ذلك من صدورهم ويخرجه من قلوبهم، لافتقدوا لذاذة الجنّة، وتدابروا وتقاطعوا وتحاسدوا، وواقعوا الخطيئة، ولمسّهم فيها النّصب، وأعقبوا منها الخروج، لأنّه عزّ وجلّ فضّل بينهم في المنازل، ورفع درجات بعضهم فوق بعض في الكرامات، وسنيّ العطيات.

قلمّا نزع الغلّ والحسد من قلوبهم ظنّ أدناهم منزلة فيها، وأقربهم بدخول الجنّة عهدا، أنّه أفضلهم منزلة، وأكرمهم درجة، وأوسعهم دارا بسلامة قلبه، ونزع الغلّ من صدره، فقرّت عينه وطاب أكله. ولو كان غير ذلك لصاروا إلى التنغيص في النظر بالعيون، والاهتمام بالقلوب، ولحدثت العيوب والذّنوب.

[١١- السلامة في الابتعاد عن الحسود]

وما أرى السّلامة إلّا في قطع الحاسد، ولا السّرور إلّا في افتقاد وجهه، ولا الرّاحة إلّا في صرم مداراته. ولا الرّبح إلّا في ترك مصافاته.

فإذا فعلت ذلك فكل هنيّا مريّا، [ونم رضيّا] ، وعش في السّرور مليّا.

<<  <   >  >>