للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعهود، وفي الشّروط وصور العقارات. وفيها تكون نموذجات النقوش، ومنها تكون خرائط البرد. وهنّ أصلح للجرب ولعفاص الجرّة وسداد القارورة. وزعمت أنّ الأرضة إلى الكاغد أسرع، وأنكرت أن تكون الفأرة إلى الجلود أسرع، بل زعمت أنها إلى الكاغد أسرع وله أفسد، فكنت سبب المضرّة في اتّخاذ الجلود والاستبدال بالكاغد، وكنت سبب البليّة في تحويل الدفاتر الخفاف في المحمل، إلى المصاحف التي تثقل الأيدي وتحطّم الصدور، وتقوّس الظهور، وتعمي الأبصار.

وقد كان في الواجب أن يدع الناس اسم المصحف للشيء الذي جمع القرآن دون كل مجلّد، وألّا يروموا جمع شيء من أبواب التعلّم بين الدّفّتين، فيلحقوا بما جعله السّلف للقرآن غير ذلك من العلوم.

[٩- ابن الزيات يشمت بعدم انجاب الجاحظ]

دع عنك كلّ شيء. ما كان عليك أن يكون لي ولد يحيي ذكري ويحوي ميراثي، ولا أخرج من الدنيا بحسرتي، ولا يأكله مراء يرصدني، وابن عمّ يحسدني، ولا يرتع فيه المعدّلون في زمان السّوء، ولا تصطنع فيه الرجال، ويقضى به الذّمام. فقد رأيت صنيعهم في مال المفقود والمناسخة والوارث الضعيف، ومن مات بغير وصية.

جعلت فداك، إن النفوس لا تجود لمولى الكلالة بما تجود به لأولاد الأصلاب وما مسّ تلك الأصلاب؛ لأنّ الرحم الماسّة والقرابة الملتصقة، واللّحمة الملتحمة، وإن أمّلت التركة ونازعت إلى المورّث، فمعها ما يأطرها ويثنيها، ويحزنها ويبكيها، ويحرّك دمها ويستغزر دمعها. وقد يشفع للولد إلى أبيه حال أبيّة كانت من أبيه.

وابن العمّ الذي ليس بالبعيد فيحتّك من جسده، وليس بالقريب المحنوّ

<<  <   >  >>