للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمّا احتجاجك علينا بالقرآن والآثار والفقهاء، فقد قرأنا مثل ما قرأت، وسمعنا من الآثار مثل ما سمعت. فإن كنت إلى سرور الدّنيا تذهب، ولذّاتها تريد، فالقول قولنا. كما قال الشاعر:

ما العيش إلّا في جنون الصّبا ... فإن تولّى فزمان المدام

كأسا إذا ما الشيخ والى بها ... خمسا تردّى برداء الغلام

[١٠- مفاخرة اهل البصرة والكوفة]

وإن كنت إلى التقشّف والتزهيد في اللّذّات تعمد فترك جميع الشّهوات من النساء وغيرهنّ أفضل. فإن أنصفت فأتنا بمثل حجّتنا. فأمّا أن تتلو علينا القرآن وتأتينا بأحاديث ألّفتها فهذا منك انقطاع. ومثلنا ومثلك في ذلك مثل بصريّ وكوفيّ تفاخرا بعدد أشراف أهل البصرة وأشراف أهل الكوفة، فقال البصريّ للكوفيّ:

هات في أربع قبائل الكوفة مثل أربعة رجال بالبصرة في أربع قبائل:

في تميم الكوفة مثل الأحنف، وفي بكر الكوفة مثل مالك بن مسمع، وفي قيس الكوفة مثل قتيبة بن مسلم، وفي أزد الكوفة مثل المهلب.

فقال الكوفيّ: مخنف بن سليم من أزد السّراة، وهم أشرف من أزد عمان.

فقال البصريّ: إنا لم نكن في شرف القبائل وفرق ما بينها، فإنما ذكرنا المهلّب بنفسه، وما علمت أن أحدا يبلغ من جهله أن يفخر بمخنف بن سليم فيفضّله على المهلب. وأخمل رجل من ولد المهلّب أشهر في الولايات وفي الفرسان وفي الناس من مخنف. والمهلّب رجل ليس له بالعراق نظير يقاومه، ومناقبه وأيّامه وفتوحه أكثر وأشهر من أن يجوز لنا أن نجعله إزاء مخنف. وما زالوا يقولون: «بصرة المهلّب» . ولو لم يكن للمهلّب إلّا أنه

<<  <   >  >>