للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٦- الانسان عالم صغير]

وإنّما قيل للإنسان العالم الصّغير، سليل العالم الكبير، لأنّ في الإنسان من جميع طبائع الحيوان أشكالا، من ختل الذئب وروغان الثعلب، ووثوب الأسد، وحقد البعير، وهداية القطاة. وهذا كثير، وهذا بابه.

ولأنّه يحكي كلّ صوت بفيه، ويصوّر كل صورة بيده. ثم فضّله الله تعالى بالمنطق والرّويّة وإمكان التصرف.

وعلى أنا لا نعلم أنّ لأحد من جميع أصناف المعلّمين لجميع هذه الأصناف- كفضيلة المعلّم من الناس الأحداث المنطق المنثور، ككلام الاحتجاج والصّفات، والمناقلات من المسائل والجوابات في جميع العلامات، بين الموزون من القصائد والأرجاز، ومن المزدوج والأسجاع، مع الكتاب والحساب، وما شاكل ذلك ووافقه واتّصل به، وذهب مذهبه.

[٧- معنى المعلم والمؤدب]

وقالوا: إنّما اشتقّ اسم المعلّم من العلم، واسم المؤدّب من الأدب. وقد علمنا أنّ العلم هو الأصل، والأدب هو الفرع.

والأدب إمّا خلق وإمّا رواية، وقد أطلقوا له اسم المؤدّب على العموم.

والعلم أصل لكل خير، وبه ينفصل الكرم من اللّؤم، والحلال من الحرام. والفضل من الموازنة بين أفضل الخيرين، والمقابلة بين أنقص الشرين.

فلم يعرضوا لأحد من هذه الأصناف التي اتّخذ النّاس لها المعلّمين من جميع أنواع الحق والباطل، والسّرف والاقتصاد، والجدّ والهزل، إلّا هؤلاء الذين لا يعلّمون إلّا الكتاب والحساب، والشّعر، والنحو، والفرائض، والعروض.

وما بالسماء من نجوم الاهتداء والأنواء والسّعود، وأسماء الأيّام والشّهور، والمناقلات.

<<  <   >  >>