للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سفيه طيّاش، وعجول فحّاش، يعجل عن التوبة، ويقطع دون الوصيّة، ومعه من الخرق بقدر قسطه من التهاب المرّة الحمراء. [والعجول يخطىء وإن ظفر، فكيف به إذا أخفق. على أنّ إخفاقه يزيد في حقيقة خطئه كما أنّ ظفره لا ينتقص من مقدار زلله] . وأنت روح كما أنت وحشيّ من قرنك إلى قدمك. وعمل الآفة في الدّقاق والعتاق أسرع، وحدّها عن الغلاظ الجفاة أكلّ؛ فلذلك اشتدّ جزعي لك من سلطان الغيظ وغلبته.

والله لو كنت ابتلعت مزار بابك، وأبطلت بمر الباطل، ووردت الفظائع كلّها، ونقضت الشّروط بأسرها، وأفسدت نتاجك، وقتلت كلّ شطرنجيّ لك، ورفعت من الدنيا فراهة الخيل، وجعلت المروج كلّها حمىّ، وكنت صداق المرادين، وبرسام الأولاد، ومسخت جميع الجواري في صورة أبي رملة ورددت شطاط خلقك إلى جعودة أبي حثّة وكنت أول من سنّ بيع الرجال في النخّاسين، وفتح باب الظّلم لأصحاب المظالم، وحوّلت إليك عقل أبي دينار، وطبعت على بيان ما نويه، وأعنت على موت المعتصم، وغضبت لمصرع الأفشين، واستجبت للديك الأبيض الأفرق وأحببت صالح بن حنين، وأحوجتك إلى حاتم الرّيش، وكان أبو الشّماخ صديقي، والفارسيّ من شيعتي- لكان ما تركبني به سرفا، ولكنت في هذا العتاب متعدّيا.

[٣- يجب التمييز في العداوة بين الاخيار والاشرار والمحبين والمبغضين]

جعلت فداك، لا تتعرض لعداوة عقلاء الرّواة، ولضغينة حفّاظ المثالب، وللسان من قد عرف بالصّدق والتوخّي، وبقلّة الخطل والتنكّب، ما وجدت عن ذلك مندوحة، ووجدت المذهب عنه واسعا. ولا تعاقب وادّا وإن اضطرّك الوادّ، ولا تجعل طول الصّحبة سببا للتضجّر، واصبر على خلقه فإنّ

<<  <   >  >>