للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الأرض حليم سواك، وهل أظلت الخضراء ذا لهجة أصدق منك، وهل حملت النساء أجل منك!

[٢١- جمال احمد بن عبد الوهاب المعكوس]

ولربما رأيت الرجل حسنا جميلا وحلوا مليحا وعتيقا رشيقا وفخما نبيلا ثم لا يكون موزون الأعضاء ولا مقدور الأجزاء، وقد تكون أيضا الأقدار متساوية غير متقاربة ولا متفاوتة، ويكون قصدا ومقدارا عدلا، وإن كانت هناك دقائق خفية لا يراها إلا الألمعي، ولطائف غامضة لا يعرفها إلا الذكي. فأما الوزن المحقق والتعديل المصحح والتركيب الذي لا يفضحه التفرس ولا يحصره التعنت ولا يتعلل جاذبه ولا يطمع في التمويه ناعته، فهو الذي خصصت به دون الأنام ودام لك على الايام. كذا الحسن إذا كان حرا مرسلا وعتيقا مطبقا لا يتحكم عليه الدهر ولا يذيله الزمان ولا يحتاج إلى تعليق التمائم ولا إلى الصون والسكن ولا إلى المناقش والكحل، ولو لم يكن لحسن وجهك إلا أنه قد سهل في العيون تسهيلا وحبب إلى القلوب تحبيبا وقرب إلى النفوس تقريبا، حتى امتزج بالأرواح وخالط الدماء وجرى في العروق وتمشى في العظم بحيث لا يبلغه السم ولا الوهم ولا السرور الشديد ولا الشراب الرقيق، لكان في ذلك المزية الظاهرة والفضيلة البينة. ولو لم يكن لك إلا أنا لا نستطيع أن نقول في الجملة وعند الوصف والمدحة: هو أحسن من القمر وأضوأ من الشمس وأبهى من الغيث، ولهو أحسن من يوم الحلبة، وأنا لا نستطيع أن نقول في التفاريق؛ كأن عنقه إبربق فضة، وكأن قدمه لسان حية، وكأن وجهه ماوية، وكأن بطنه قبطية، وكأن ساقه بردية، وكأن لسانه ورقة، وكأن أنفه حد سيف، وكأن حاجبه خط بقلم، وكأن لونه الذهب، وكأن عوارضه البرد وكأن فاه خاتم، وكأن جبينه هلال، ولهو أطهر من الماء

<<  <   >  >>