للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتزيين الصّمت.

وهذه صفة شرابك إلّا ما لا نحيط به، ونعوته تتبدّل إلّا ما يقبح منها الجهل به.

وخير الأشربة ما جمع المحمود من خصالها وخصال غيرها. وشرابك هذا قد أخذ من الخمر دبيبها في المفاصل، وتمشّيها في العظام ولونها الغريب؛ وأخذ برد الماء ورقّة الهواء، وحركة النار، وحمرة خدّك إذا خجلت، وصفرة لونك إذا فزعت، وبياض عارضيك إذا ضحكت.

[١٠- مديح الحسن بن وهب]

وحسبي بصفاتك عوضا من كلّ حسن، وخلفا من كلّ صالح. ولا تعجب أن كانت نهاية الهمّة وغاية المنية؛ فإنّ حسن الوجوه إذا وافق حسن القوام وشدّة العقل، وجودة الرأي، وكثرة الفضل وسعة الخلق، والمغرس الطيّب والنصاب الكريم، والظّرف الناصع، واللّسان الفخم والمخرج السّهل والحديث المونق، مع الإشارة الحسنة والنّبل في الجلسة، والحركة الرّشيقة واللهجة الفصيحة، والتمهّل في المحاورة والهزّ عند المناقلة، والبديه البديع والفكر الصحيح، والمعنى الشريف، واللفظ المحذوف، والإيجاز يوم الإيجاز والإطناب يوم الإطناب، يفلّ الحزّ ويصيب المفصل، ويبلغ بالعفو ما يقصّر عنه الجهد، كان أكثر لتضاعف الحسن، وأحقّ بالكمال. والحمد لله.

وإنّ التاج بهيّ وهو في رأس الملوك أبهى، والياقوت الكريم حسن وهو في جيد المرأة الحسناء أحسن، والشّعر الفاخر حسن وهو من فم الأعرابيّ أحسن. فإن كان من قول المنشد وقريضه، ومن نحته وتحبيره، فقد بلغ الغاية وأقام النهاية.

<<  <   >  >>