للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٦- اسئلة على الفلسفة]

فخبرني ما كان بينك وبين هرمس في طبيعة الفلك، وعن سماعك من أفلاطون وما دار في ذلك بينك وبين أرسطا طاليس، وأي نوع اعتقدت، وأي شيء اخترت فقد أبت نفسي غيرك وأبت أن تشتفي إلا بخبرك، ولولا أني كاف برواية الأقاويل ومغرم بمعرفة الاختلاف، وأني أستجير مسألتك عن كل شيء وابتذالك في كل أمر، لما سمعت من أحد سواك، ولما انقطعت إلى أحد غيرك.

[١٧- مساوىء المزاح]

واعلم جعلت فداك أني لم أرد بمزاحك إلا ضحك سنك، ولا كانت غايتي فيك إلا لأنفق عندك، وقد كنت خفت ألا أكون وقفت على حده وأشفقت من المجاوزة لقدره. والمزاح باب ليس المخوف فيه التقصير، ولا يكون الخطأ فيه من جهة النقصان. وهو باب متى فتحه فاتح وطرّق له مطرّق لم يملك من سده مثل الذي يملك من فتحه، ولا يخرج منه بقدر ما كان قدم من نفسه، لأنه باب أصل بنائه على الخطأ، ولا يخالطه من الأخلاق إلا ما سخف، ومن شأنه التزيد وأن يكون صاحبه قليل التحفظ، ولم نر شيئا أبعد من شر ولا أطول له صحبة ولا أشد خلافا ولا أكثر خلطا من الجد والمزاح والمناظرة والمراء. قال القعقاع بن شور: ليس لمزّاح مروءة ولا لممار خلة.

وقال معاوية: المزاح هو الشنار الأصغر. وقال الحسن بن حي: المزاح استدراج من الشيطان واختداع من الهوى. وعاب عمر بعض العظماء فقال: ذلك رجل فيه دعابة. وقال الشاعر: «وجد القول يقدمه المزاح» وقال الآخر «رب كبير ساقة صغير» وقال الآخر «رب جد ساقه اللعب» .

<<  <   >  >>